محمد عواد - هناك مقهى بجانب منزلي، اعتدت الذهاب إليه يومياً في السنة الأخيرة، حتى أكتب واقرأ، وفيه شيء لفت انتباهي، وأزعجني في ذات الوقت.
من عناصر ارتياح كثيرين مع المقاهي التي يزورونها يومياً أن يجدوا نفس الموظفين، حتى لا يضطروا دائماً لشرح طلباتهم، لكن هذا المقهى تقريباً يغير الموظفين كل شهرين، ودائماً على بابه يعلق "مطلوب للعمل"، لا أبالغ هنا، فأتكلم عن سنة كاملة من نفس الدورة !
لاحظت سلوك صاحب العمل، ألذي يأتي ويطيل المكوث، يستمر بإعطاء النصائح، لا يعجبه شيء يفعله موظفوه، دائماً لديه وجهة نظر، ويقولها صراحة ومسموعة للزبائن، استمرت دورة تغيير العاملين تلك بلا توقف، لأنه لا يعجبه أحد، وسمعته يلومهم على عدم نمو الزبائن كما يجب.
على كل حال، أكتب هذا المقال من مقهى أخر حالياً، لأن التوتر في الأجواء بات ملموساً هناك ولا يعجبني، لكن حال صاحب العمل هذا، هو حال كثيرين منا، فنحن على حق، ونحن دائماً لا نخطىء، لكن الآخرين يرتكبون الخطايا بحقنا!
لماذا لم تدرس جيداً في الجامعة ؟ أصحابي كانوا مصدر إلهائي !
لماذا لم تتقدم وظيفياً كما يجب ؟ المدراء لا يعترفون بقدراتي !
لماذا لا تتعلم لغة تحتاجها في حياتك بشكل ممتاز ؟ هذه البلد غير مؤهلة لتعليم الناس !
لماذا لا تطارد حلمك ؟ مجتمعنا لا يشجع !
حلقة اللوم تستمر، تنمو، قد تصل إلى حد اتهام منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو" بأنها سبب عدم إقلاعنا عن التدخين.
لا ننتبه إلى أن تغير المدراء لم يغير النتيجة، فجميعهم لا يعترفون بقدراتنا، ولم ننتبه إلى أننا من اختار تلك الفئة من الأصحاب لأنهم بالأساس لا يدرسون، وأن كثيرين حولنا طاردوا أحلامهم ويعيشون في نفس المجتمع.
هذه الدورة، من لوم الآخرين، لا تنتهي على خير، فصاحب العمل لم يسأل نفسه لوهلة "أن الديكور في محله ممل"، والتكييف لا يعمل بشكل جيد في الصيف أو أن ذوقه الموسيقي الذي يشغله حالما يصل للمكان منفر ولا يناسب عقلية الشباب الموجودين في المنطقة، فاللوم على ذلك المسكين الذي يعمل لديه، وقام بتغييرهم 4-5 مرات حتى الآن في سنة، ومن دون نتيجة !
قرأت مرة، أن أفضل طريقة لأولئك المعتادين لوم الآخرين طوال يومهم، أن يمثلوا ويخدعوا أنفسهم، فيتحملوا فقط 5 دقائق يومياً من المسؤولية، مثلاً إن قمت بلوم المجتمع على كل شيء أصابك، فقط قل ولكنني أيضاً ارتكبت هذا الخطأ، اعترف بشيء بسيط من مسؤوليتك، لأن مواصلتك لوم هذا العالم الشرير، لن ينفعك، فما حك جلدك مثل ظفرك!
باستثناء الحالات الخارجة عن سيطرة الجميع مثل الحرب والكوارث الطبيعية، فإن اللوم الأساسي في حقيقته يعود عليك، وكل ما نحن عليه الآن، سببه أفعال قمنا بها أو عقلية تسيطر علينا منذ سنوات، وكل ما سنكون عليه بعد 5 أعوام، هو ما نبدأ بفعله الآن، وبالتالي اللوم الأبدي هو علينا.
تابعنا على الفيسبوك:
تابعنا على تويتر:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق