محمد عواد - أكثر نشاط يقوم به الإنسان في حياته هو الكلام، حيث يتكلم أثناء عمله وأثناء راحته وحتى بعض الأحيان أثناء نومه، وبالتالي هو ينتج كلمات أكثر مما ينتج أي شيء آخر.
هناك شخص اسمه دان بريتون لاحظ قوة الكلمات، ولكنه قرر الاستفادة منها، فكتب كتاباً اسمه "كلمة واحدة سوف تغير حياتك"، وهذا الكتاب احتوى على فكرة مختلفة، بحيث تضع كلمة للسنة مثل هدفي هو "السعادة" وتبدأ تركز طوال عام على كلمة واحدة.
الكتاب فكرته جميلة، لكن عنوانه بالنسبة لي أجمل وأكثر مصداقية، فأعرف شاباً حقق نجاحات مقبولة في حياته، لا يخجل من أن يروي قصة غيرت حياته عندما كان طفلاً، فقد كان والده من خلفية عسكرية وبالتالي كان يحاول فرض قيود وأفكار حاسمة عليه، ليقف أخاه الكبير يوماً مدافعاً عنه ويقول لوالده "لماذا تعامله هكذا ؟.. هل تراه مثل أي طفل في الشارع؟ .. هل تراه يفكر مثلهم؟ .. إنه أفضل منهم جميعاً".
هذا الطفل علقت في ذهنه تلك الكلمة، وكلما واجه مشكلة أو عائق، كان يتعب، يقرر الاستسلام ربما مثله مثل غيره، لكن عندما يأتي حسم الاستسلام، يتذكر "أنا لست مثل أي حد .. أنا أفضل منهم جميعاً"، فيتماسك ويستمر.
هناك أشخاص قابلتهم في حياتي يرون سب بمشاكل يواجهونها طوال عمرهم بسبب كلمة قالها لها أحدهم، مثلاً أنت "ضعيف الشخصية"، فيكبر وهو مؤمن بأنه ضعيف الشخصية، أو ترفضه فتاة وهو مراهق وتقول له "أنت ممل"، فيعيش حياتاً رتيبة مملة جبانة لأنه اقتنع بأنه ممل...وأعرف أفكاراً رائعة في مجالات مختلفة لم تتحول إلى واقع لأن أحدهم قال لآخر "غير منطقية".
العبرة في الكلام الطويل هذا من وجهين؛ وجه أول يجعلنا نحرص على كلماتنا التي نقولها للناس، فليس من حقنا أن نقول لأحدهم لا تستطيع، وليس من حقنا أن نصنف الناس بين قوي شخصية وناجح وفاشل ..إلخ، فلنحرص على ألا نكون أشراراً من دون أن ندري.
ووجه آخر يجعلنا لا نعطي اذاناً صاغية لمن يحاول تغيير قناعتنا بانفسنا، فأغلى شيء تملكه هي نظرتك لنفسك وليس نظرة الناس إليك، ولو ضحيت بهذه النظرة فإنك مثلما ينتحر مع انتظار موعد الدفن، فمن يحاول تقزيم أفكارك أو كسر جناحك، ما هو إلا شخص تم كسر جناحه من قبل شخص آخر في الماضي، فبدل من أن يعمل على جعلها تنمو من جديد، قرر كسر كل الاجنحة ليبقى الجميع معه على الأرض ماشين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق