الأربعاء، 19 أكتوبر 2016

الخطوة الأولى للتعامل مع الشخص المزاجي


د.سعاد نجار - "حاول أن تعود نفسك على العيش بمفردك لأنك في زمن المزاجية " ، هذه العبارة لطالما لفت نظري انتشارها في مواقع التواصل، وهي تدفعني للتساؤل "لماذا في زمن المزاجية هذا يجب أن نبتعد بدل أن نقترب اكثر؟، لماذا لا نكون إيجابيين دائماً ونسعى لإبعاد شبح المزاجية هذا من حياتنا".

لماذا يجب ان نعتاد العيش بمفردنا بدل أن نتعامل مع هذا العائق، ونتعايش مع الشخص المزاجي ليصبح بفضلنا أفضل؟

 المزاجيون كما قال أحدهم "لا يرتبطون باللحظة فإذا ضحك خاف من كثرة الضحك، وإذا حزن عاش ذلك الحزن بشكل أكبر " ، فالشخص المزاجي يؤثر على نفسه أولا بمزاجيته هذه، بتقلب رأيه بين لحظة وأخرى، بتحول مشاعره المفعمة بالفرح إلى هوة الحزن دون مبرر، بإعلانه ثورة الغضب غير المبررة بعد أن كان يسحرنا بهدوئه أيضا.

إحدى مريضاتي تشكو لي زوجها فقالت "بقي يعد لرحلة استجمام في احد المنتجعات بنشاط وتفاؤل بأنها ستكون الرحلة الأروع، وفي الطريق كان قمة الفرح وبعد ان وصلنا بقليل فجأة قال هيا سنعود لم أستطع سؤاله لماذا".

وتضيف "أعرفه جيدا عندما يظهر ذلك الوجه العابس، وذلك الجبين المقطب، فهي إشارات تعني أن مزاجه تغير ليصبح سيئاً، وأن النقاش لن يأتي بأي نتيجة".
عندما تهب عاصفة الشخص المزاجي علينا أن نتحلى بالصبر ونكون إيجابيين معه، نتعامل بروية مفرطة ونحتويه بهدوء كي لانزيد الطين بلة.
علينا أن لانجرحه في هذه الفترة، لانه شخص حساس، فالهدف الأساسي هو محاولة استعادة هدوئه.

من المهم استغلال أوقات هدوئه وجمال روحه لنخبره كم هو مهم بالنسبة لنا، وكم هو مثالي.

في أحد الأيام دخل مريض للعيادة وهو غاضب ويصرخ، ولم افهم من صراخه سبب هذا الغضب كله لكنني فوراً أخبرته أن كل شيء سيكون بخير، وستكون الأمور بالشكل الذي يريده، تركته ليهدأ تدريجياً دون أن اسأله في البداية سبب الصراخ حتى تجاوب في النهاية مع إيجابيتي وأصبح بأفضل حال.

لقد انقلب مزاجه فورا من قمة العصبية الى الهدوء، لأنه لاقى مقابل صراخه كلام هادىء ومقابل عبوسه ابتسامة، ومقابل شتائمه كلام خفيف على القلب دفعته ليقول لي أنا آسف لما تسببت به ولكنني للتو تجادلت مع احدهم على الهاتف بسبب العمل، اي أنه سبب تعكر مزاجه لا دخل لنا به، ولكن انا من كنت في لحظة المزاجية هذه ومضطرة للتعامل مع الموقف.

أخيراً وليس آخراً في حياة كل منا هناك شخص مزاجي، إن كان صديقا أو زوجاً أو حتى في عملنا هو ليس مريضا ولا شخص منفر يجب الابتعاد عنه، هو فقط يحتاج أن نساعده ليتخلص من تقلباته هذه، بالهدوء في لحظة غضبه، والكلام الإيجابي في لحظة هدوئه، إنه مثالي في معظم الأوقات لذلك دعونا في أوقات المثالية هذه أن نساعده ليبقى الأروع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق