الاثنين، 26 سبتمبر 2016

عشاق التماثيل المكسورة ..شكراً لك أيها الكاتب !


محمد عواد - ليس سيئاً أن يعترف الإنسان أنه كان سيئاً ... أليس كذلك؟

حتى عام 2009 ، كنت من الأشخاص الذين يحاولون تحقيق شيء في حياتهم، كنت أعرف جيداً أن أهلي دعموني وأعطوني حريتي بما فيه الكفاية منذ طفولتي حتى أحقق بعض النجاح، ليفخروا بي ويشعروا أنهم لم يضيعوا هدراً وقتهم وقلقهم ومالهم الذي اقتطعوه من لقمة طعامهم.

لكن حتى ذلك الوقت لم يكن هناك شيء ملموس، كنت أحاول كثيراً لكن لا شيء يعمل كما هو مخطط له أو مكتوب.. هناك شيء خاطىء!

اشتريت كتاباً لكاتب لم أكن أعرفه آنذاك، وهو رجاء النقاش وكتابه كان "تأملات يف الإنسان"، وما إن فتحته وبدأت القراءة فيه وأنا على طريق العودة للبيت، حتى جاءت صفعة مبكرة، وكأنها إشارة علي أن أفهمها، فليس صدفة أن يكون أهم مقال في حياتي أول مقال في الكتاب!(أنصح بهذا الكتاب بشدة)

في ذلك المقال الطويل جاء "هناك نوع من الناس يكره الامتياز ويعادي التفوق ويخاف أن يرى شخصاً بموهبة لامعة .. هؤلاء هم من يستريحون إذا تحطمت التماثيل أمامهم ..إنهم عشاق التماثيل المكسورة..!"

ثم قال بعد أن أورد قصصاً حقيقية تاريخية لقدرة محطمي التماثيل هؤلاء على تدمير عظماء وأصحاب قصص نجاح، لكنهم لم يحققوا شيئاً لهم: "ولكن الإنسانية، ستظل في الوقت نفسه تضع سرها وقوتها في الشخص الممتاز الذي يدفع الحياة إلى الحركة، وينير طرقاتها المظلمة، ويغامر دائماً في سبيل الكشف عن الشيء الغامض فيها، حتى يسير من بعده الناس في نفس الطريق".

كنت يومها من عشاق التماثيل المكسورة بامتياز، كنت أقف مكاني لأنني أكتفي بتقزيم نجاحات الأخرين وأنسبها لواسطة وحظ وصدفة وعلاقات ووراثة وما شابه، الأمر الذي كان يشعرني بالراحة لعدم فعلي شيئاً، لكنني وحتى اليوم أذكر تأثير ذلك المقال في حياتي، حيث همست لنفسي "اسمع يا طويل اللسان، لن تسر تمثالاً أبداً، وسوف تبدأ دوماً برؤية جمال أي قصة نجاح مهما كانت صغيرة في البداية، ثم لو كان فيها عيباً .. فلا بأس بذكره لتحذره"

7 سنوات بالتمام والكمال منذ ذلك المقال، هي بمثابة تاريخ ميلاد جديد لي، لا أستطيع القول أنني حققت خلالها شيئاً أفضل مما كان عليه الوضع في الماضي، لكنني على الأقل لا أحطم تماثيل الأخرين التي يمكن أن تخدم الناس، ربما الطريق ما زالت طويلة، لكنني أعرف أن توقفي عن تحطيم التماثيل، أعطاني الوقت للاستفادة من نحاتي النجاح، والتعلم منهم مما يساعدني.

كثيرون منا يقعون للأسف فريسة سهولة تحطيم تمثال بدلاً من نحته، سمعت من يلخص قصص نجاح عظيمة بأنها صدفة أو مؤامرة، وليس هناك إهداراً للطاقة أكبر من أن تحول نفسك لمعول يهدم لا يبني .. فالوقت والعقل يتحولان عند هذا السلوك لآلة تدمير، ويوما ما ستدمرك شخصياً.

هنا أشكر رجاء النقاش على ذلك الكتاب الذي أدين له بكثير، وأعتذر لنفسي عن سنوات تحطيم التماثيل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق