الجمعة، 9 يناير 2015

كل المفروض .. مرفوض


أحمد حاجبي - كل المفروض مرفوض، هي الأغنية الشهيرة للمطرب محمد منير، بكلماتها الرائعة التي توجز لك ما يجب عليك فعله كي تصل إلى ما تريد، أن تبتعد عن الخوف وأن تثق بإنسانيتك وما تملك، فيها كثيرٌ من المعاني مثل "متخليش حاجه توقفك .. متسيبش الدنيا تكتفك .. اقفل باب حزنك ع الآخر .. وافتح باب الفرصة وعافر .. كل الحدوته شوية مجهود".


ما شدني أكثر في تلك الأغنية هو عنوانها، والذي يعبر عن مدى كره الأغلبية للقواعد والالتزام الحرفي فيها، والبيروقراطية أكبر مثال على ذلك.

مفهوم البيروقراطية يشير إلى السلطة وتطبيق القانون بالقوة في المجتمع، وعادة ما يكون تطبيق وتوزيع السلطة حسب السلم الإداري أو بطريقة هرمية. تتصف البيروقراطية والبيروقراطيين بالروتين والجمود وبطء التنفيذ، والتمسك بحرفية القواعد.

مما لا شك فيه أن القواعد يجب الإلتزام بها وعدم الحياد عنها في كافة شؤون ومجالات الحياة، لكن فرض الشيء في حد ذاته حتى لو كان في مصلحتك أحياناً يعد أمراً مرفوضاً في الفطرة الإنسانية إذا كان بالقوة أو ما إلى ذلك، سيجعلك ذلك محبطاً في التزامك وبعيداً عما يجعلك مرتاحاً في طريقة إدارتك لعملك أو حياتك.

أعجبتني فكرة إحدى الشركات القائمة على إجابة السؤال التالي: (كيف تجعل رفاهية الموظف تصب في صالح العمل ؟)، تم العمل عليها على مدار شهرين وبعد تطبيقها اكتشفوا أن عطاء الموظف قد تغير للأفضل.

كان من ضمن برنامجهم اليومي للموظف نصف ساعة للأكل ومثلها للنوم أو الراحة، ونصف ساعة إنترنت يحددها هو، مع زيادة ساعة على عدد ساعات الدوام، وإعطاؤه الحرية الكاملة في التعبير عن رأيه وانتقاد ما يشاء أو من يشاء إذا كان يرى أنه يعطل سير العمل حتى لو كان المالك نفسه!

بكل تأكيد مقالتي هذه لا تدعو لنوم الموظفين ولا تمضية الوقت في استخدام الإنترنت وغيره، لكن طريقة إدارة الشركة جعلت الموظف يلتزم بالقواعد حرفياً وهو مرتاح (مع ملاحظة زيادة عدد ساعات الدوام) مما أدى إلى زيادة إنتاجيه وأرباح الشركة.

قس على ذلك ما شئت والأمثلة كثيرة في مجتمعاتنا وواقعنا، ما يجب أن يعرفه البيروقراطيون من أهل السلطة والقوة والنفوذ أن القواعد وضعت للتنظيم فقط وأن الهدف منها الالتزام وتحقيق المصلحة العامة ليس إلا، وألا ينسوا تلك القاعدة؛ كل المفروض .. مرفوض.


تابع الكاتب على الفيسبوك:

تابع الكاتب على تويتر:



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق